حال الصيد البحري البارحة و اليوم
في كتابه الذي سيصدر قريبا و الذي يؤرّخ لميلاد عدًة مؤسّسات حيويّة في قطاع الصيد البحري الذي خصّه عزيًز بوستًة بقسم كامل تحدًث فيه عن بداية تأسيس الموانئء و الصعوبات التي حفًت بذلك كما تحدًث عن ميلاد الجامعة العامّة للصيد البحري كطرف نقابي يدافع عن البحًارة و مطالب أهل القطاع كما يشير إلى وضع المواني و حالة البحّارة اليوم.
و في سؤالي عن بداية تأسيس المواني وضعنا عزيًز بوستّة في الإطار التاريخي العام لتلك الحقبة و شرح لي كيف يتمّ الاعتداء على السيادة الوطنية من قبل الايطاليين الذين يدخلون المياه الإقليمية و يصطادون السمك التونسي بل و كانوا يطردون صغار البحّارة و كانوا يأتون جماعات بأعداد كبيرة و يشهرون الأسلحة في وجه التونسيين مستغلًين في ذلك حداثة مراكبهم و تجهيزاتهم و ضعف البحّارة التونسيين على كلّ المستويات و قد تعرّض عزيّز بوستّة نفسه لحادثة مماثلة في مستوى أرخبيل جالطة و الذي كان يعتبر مكانا استراتيجيا يسهًل اصطياد الأسماك و ذلك لمرور الأسماك القادمة من مضيق جبل طارق بشكل دوري عبر الأرخبيل و لكي لا نطيل أكثر ساهم عزيّز بوستّة في تحويل هذه القضيّة إلى قضيّة رأي عام و تحرّكت السلطات التونسية لإيقاف ذلك و تمً عقد لقاء في أنكونا بإيطاليا و طالب التونسيون بشراكة الندّ للندّ مع الإيطاليين وهو ما تمّ بالفعل و لا تزال الشراكات قائمة إلى اليوم و ساعد الإيطاليون على تصدير السمك التونسي لأوروبا و أحيانا على حساب دول أوروبا الشرقية ذات الثروة السمكية الضخمة.
فيما يتعلّق بتأسيس المواني فقد كانت الانطلاقة بميناء جرزونة ببنزرت و الذي عارض تأسيسه أهالي الجهة لكنّ أمام إصرار عزيّز بوستة و غيره من الوطنيين تمّ إقناع السلطات بضرورة تأسيس هذا الميناء و قد كانت القوارب الصغيرة و التقليدية ترسو بقنال بنزرت ممّا يعطًل حركة الملاحة البحرية في القنال و يمثّل خطرا على أصحاب المراكب و بالفعل تأسّس ميناء جرزونة و تمّ تجهيزه بكلّ المستلزمات و في الأثناء طالب عزيّز بوستّة السلطات بمساعدة صغار البحًارة حتّى يأمّنوا قوتهم و يساهموا في رفع منتوج السمك و المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد و امتصاص البطالة بالجهة و بالفعل تمّ إحداث صندوق التشجيع على الصيّد البحري و الذي مكَن صغار البحارة من منح في شكل قروض و كان يسندها البنك الفلاحي و تمكّن صغار البحًارة من شراء قوارب عصريّة و ازدهر صيد الأسماك و تمّ تأمين التوزيع في السوق المحليّة كما كان يتمً تصدير أسماك نادرة و عالية الجودة تساهم في ترفيع احتياطي العملة الصّعبة و الذي لا زلنا إلى اليوم في حاجة ماسّة إليه.
فيما يتعلّق بالجامعة العامّة للصيًد البحري فقد تمّ تأسيسها و إلحاقها باتًحاد الفلاًحين إسما و هيكلا و قد كان عزيّز بوستًة من المؤسّسين و تأسًست جامعات تابعة للجامعة العامّة للصيد البحري في عدّة مناطق من البلاد نذكر منها قليبيا و ڤابس و غيرها و هكذا تمّ إحداث هذه الهياكل النقابية و التي كانت تلعب دورا خيويّا في الدفاع عن البحًارة و عن مطالب أهل القطاع و مصالحهم .
اليوم يرى عزيًز بوستّة أنّ القطاع تراجع بشكل ملحوظ و أنّ حال صغار البحّارة يرثى لها حيث اهترأ أسطول الصيد البحري و أنّ صغار البحّارة عاجزين و مكبّلين بمديونتهم و التي كانت الدّولة تراعيها و تمّ اقتحام القطاع من قبل دخلاء من رؤوس الأموال المشبوهين الذين يمارسون الاحتكار و يفرضون سيطرتهم على القطاع و تمّ هذا التحوّل خاصّة في فترة عبد المجيد الزاّر ، اليوم يعتبر عزيّز بوستًة أنّ هذا التدمير الممنهج لقطاع الصيّد البحري هوّ ضرب للاقتصاد الوطني و تهديد لقوت التونسيين من أهل القطاع و يطالب بتدخّل من أعلى هرم السًلطة رئيس الجمهوريّة و يوجّه له رسالة يطلب منه لفتة كريمة لصغار البحّارة و لقطاع الصيد البحري عموما و الذي يمكن أن يساعد البلاد على المعضلات الاقتصادية التي تعيشها .
